بقلم: إبراهيم عيسى
يتصور البعض ويروج لهذا التصور أن ما يحدث من تدافع نحو المواجهة واندفاع إلي الصراع بين طرفي العدالة في مصر المحامين والقضاة إنما يتم برعاية من النظام وبدعم للاشتعال وتغذية للوقود حتي يستمر هذا الصراع محتدما ومتصاعدا!
دليلهم أن طرفي النزاع يقودهما مجلس نقابة محامين تقريبا تحت جناح وإبط الحزب الوطني ونقيب المحامين رجل فاز في انتخابات الشوري مؤخرا بعضوية قدمتها له يد العون المزورة والمزيفة التي أدارت هذه الانتخابات من قلب الحزب الوطني فهو رجل محل رضا ومحل ثقة ومحل حل إن أرادوا وإذا شاءوا.
كما أن المستشار أحمد الزند ومجلس نادي القضاة جاء ليزيح تيارا أطلقنا عليه «تيار الإصلاح والاستقلال القضائي» وكان موضع احتفاء هائل لدي الشارع المصري والمعارضة بأطرافها وأطيافها فجاء الزند ومجلسه ليبتعد عن سياسة المجلس القديم بعدا يقاس بالسنوات الضوئية كما رعته ودعمته وفرحت به وزغردت له جهات في الدولة اعتبرته انتصارًا للدولة علي المعارضة!
ومن ثم لا يعقلها متعقل أن يد الدولة بعيدة عن زناد إطلاق الفتنة أو علي الأقل تلقيم وتغذية فوهاتها بالذخيرة!
أما المصلحة في ذلك فهي أن الدولة تصرف النظر عن مصيبة لم تتوقع لها حسابا هي انتخابات الشوري وما جري فيها من تزوير فاضح فادح كارثي كان من الفجاجة والصفاقة وقلة الحياء السياسي ما دفع البعض في النظام لمحاولة محو الأثر السلبي المريع داخليا وخارجيا، وفي محاولة لامتصاص الغضب فقد تم تصريفه وتحويله إلي حرب أهلية بين أهل العدالة يلفت الانتباه ويشتت الاهتمام ويزيح عن كاهل النظام ملاحقة عار تزويره!
هذه وجهة نظر البعض
ويستحسن أن أقول سريعا إنني ضدها ولا أؤمن بها إطلاقا،
أولا: لأن النظام سميك الجلد وناشف العقل ومعدوم الإحساس السياسي ومن ثم لا يري شرا ولا ضرا من اتهامه بالتزوير الفاجر فقد تعود الناس وقد فجر النظام منذ زمن!
ثانيا: أن الحرب الأهلية في المحاكم موضوع يعصف بهيبة النظام ورهبته وقدرته وعدالته وهو ينافس فضيحة الشوري بامتياز ولهذا من الصعب علي الدولة أن تعالج جناية بأخري أو تغطي علي قتيل بقتيل!
ثالثا: أن تفاعل الغضب بين المحامين والقضاة مهما وصل في لحظة إلي هدوء ومهما وقف عند حد فإنه أضر وأذي وأوجع وفضح!
طيب ما تفسير ذلك؟
لا شيء أكثر من الحقيقة فالبلد يعيش في حالة فوضي
وفوضي عارمة
فقد وصلت إلي معطف النظام شخصيا وهي تضرب في قلب نفوذه وسلطته وساحته!
تضرب في نقابة وناد تمكن من وضعهما تحت الرعاية والوصاية،
تضرب في جماعة الأقباط في مصر وكنيسة البابا شنودة التي وصل معهما النظام إلي حالة توافق وتحالف غير مسبوقة حتي إننا نستطيع أن نجزم أن الكنائس باتت كنائس الحزب الوطني، ويمكن التأكد اليقيني من أن القساوسة في علاقة وثيقة لصيقة بجهاز أمن الدولة، وأن الكنيسة المصرية أكبر مروج للتوريث وداعية له ومزايدة علي موقف الجميع في إعلان ولاء غير مطلوب منها لجمال مبارك، وهناك تطوع قبطي مذهل بتسليم مصر هدية لنجل الرئيس مقابل فتات من المكاسب القبطية محدودة الأثر، فلم تكن مفاجأة أبدا أن يرفض البابا شنودة تنفيذ الحكم القضائي بإلزامه بتنفيذ وتطبيق الزواج الثاني للأقباط لكن المفاجأة كانت في - النبرة والنغمة والقطع والحسم ودرجة التصعيد وروح التحدي وعلانية المواجهة والقدرة علي الاستخفاف بالقانون الوضعي وتقديم المسألة بصيغة الله مع البابا في مواجهة النظام مع القانون، وكان ملايين الأقباط قطعا في المشهد مؤيدين للبابا ومستعدين للدفاع عن المسيح في مواجهة المحكمة!
طيلة الوقت يثرثر النظام الحاكم محذراً من أن أي تغيير أو حركة أو معارضة أو مظاهرة أو احتجاج سوف يقود للفوضي، ومع ذلك وربما بسبب ذلك فإنه لن يدفع مصر نحو الفوضي سوي هذا النظام الذي يجب أن نعترف أولا أنه صانع الفوضي الكبري في مصر،
حالة التفكك في البلد
ثم حالة العنف والعدوانية
ثم حالة التنازع والتصارع داخل الفئة الواحدة وبين الفئات وبعضها
وأيضا الضعف الهش والعري الكامل أمام أزمة نقص مياه النيل التي يبدو أنها فاجأت الدولة ثم صدمها عجزها عن عمل أي شيء
ثم استخفاف الصهاينة بك وبدورك وبمهمتك في حماية حدودهم من المقاومة الفلسطينية
ثم تزوير الانتخابات بشكل فاضح وفاجر
ثم الاستيلاء علي أراضي الدولة من مسئولين مهمين
كذلك بيزنس الوزراء وقوانين تصدر في دقائق من بين أكف مصفقة لأيد ملفقة
بل وتبادل جماهير أكبر ناديين لديك اتهامات الخيانة والعمالة علنا وفوق مدرجات الملاعب
بل وقطع البث عن قنوات بالطريقة الرخيصة المكشوفة التي يكلف فيها المعلمون الصبيان مما يورط البلد في مشكلات عالمية ودولية وتعويضات لا يقدر الفتوات علي دفعها!
أليست كل هذه علامات فوضي
وكما قلت من قبل أليست طوابير العيش التي يندفع ويتدافع فيها المصريون إلا فوضي يسقط معها الجرحي والقتلي والمرضي، أليست حوادث الطرق القاتلة اليومية والكارثية فوضي، أليس أكل لحوم الحمير فوضي، أليس كذب المسئولين طوال الوقت عن كل شيء في مصر فوضي، أليس إهدار دماء المصريين برصاص الإسرائيليين والتواطؤ والسكوت علي إراقتها فوضي، أليست الانتخابات المزورة والمزيفة فوضي، أليس تجاهل أحكام القضاء الإداري بإبطال إجراء الانتخابات فوضي، أليس غض البصر وصهينة الحكومة عن أحكام بطلان عضوية عشرات النواب في مجلس الشعب فوضي، أليست حوادث الضرب والتعذيب في الأقسام فوضي، أليست مآسي المستشفيات الحكومية فوضي، أليست أحوال السكة الحديد فوضي، أليست العشوائيات بسكانها ومساكنها وفقرها فوضي، أليس اختناق المرور فوضي، أليست صناعة القوانين في يوم وليلة لمصلحة شخص وفئة فوضي، أليست الرشوة التي باتت قاعدة التعامل في مصر فوضي، أليس بيع أراضي البلد لمليارديرات المدن أصحاب وشركاء وأصهار المسئولين فوضي، أليست الخصخصة وبيع ثروة البلد برخص التراب للأصحاب والأقارب والغرباء الأجانب فوضي، أليس تصدير الغاز والبترول للعدو الإسرائيلي عن طريق شركات الأصدقاء فوضي، أليس إنفاق الملايين من أجل افتتاح كباري غير صالحة وغير مكتملة فوضي، أليست فوضي أن يكون 44% من الشعب المصري تحت خط الفقر، أليست فوضي أن تكون 90% من مشروعات الحكومة بلا دراسات جدوي، أليست فوضي أن تكون نصف مدارس مصر آيلة للسقوط وغير صالحة للاستخدام الآدمي، أليست الدروس الخصوصية فوضي، أليست فوضي إنفاق 15 مليار جنيه في ميزانية الحكومة السنوية نثريات علي الشاي والقهوة وخلافه؟! إذا لم تكن هذه هي الفوضي في أصلها وفصلها وجذرها وفرعها، فما تعريف الفوضي يا خلق هووه..؟ كل هذه فوضي النظام الحاكم في مصر لكنه لا يعترف بالفوضي التي صنعتها يداه ورجلاه وشفتاه، بل هو فقط يعتبر أن حرية التظاهر «فيما عدا التظاهر بالسعادة» أو حرية الصحافة «فيما عدا حرية الصحافة في نفاق الحكم والحكومة» فوضي،
أين الرئيس مبارك من هذا كله؟!
طبعا الرئيس مبارك مسئول عن هذه الفوضي العارمة في البلد، مسئول بحكم رئاسته وبحكم أنه رئيس منذ ثلاثين عاما ومن ثم لقد أثر في تكوين وحياة وطبائع وسلوكيات الشعب بسياسته وبوجوده الطويل في الحكم.
لكن المفاجأة هنا أن الرئيس يعترف بمسئوليته الرئاسية قطعا لكنه لا يمكن أن يعترف بمسئوليته عن الفوضي.
لأنه ببساطة في رأيه مفيش فوضي!!
الفوضي التي يحذر منها الرئيس هي تعديل الدستور مثلا، هي حرية تكوين الأحزاب، هي الرقابة علي الانتخابات، هي المظاهرات التي تطالب بالإصلاح السياسي، هي الوقفات الاحتجاجية التي تهتف ضد الحكومة، هي المطالبة بفتح معبر رفح.
هذه هي الفوضي في مفهوم الرئيس ومن ثم هو ليس مسئولا عنها بل يحاربها ويمنعها من الحدوث بأمنه اليقظ وسياسته الحازمة بقوانين طوارئه وبطارئيه جميعا!
أما الفوضي التي نقول عنها فهي غير موجودة أساسا.
الرئيس مبارك لديه صورة عما يحدث لكنها صورة وردية جميلة ناعمة رائعة، الرئيس يعيش حالة رضا سامية عن النفس ويعتقد أنه عمل لنا مالا نحلم به وإذا كنا نعتقد أن مصر الآن في حالة من الفوضي والانحدار والتفكك والشعب كله ينهش في كله ونغرق في فساد واستبداد،
فإن الرئيس مبارك يؤمن أن مصر تعيش أزهي عصورها،
والرئيس والذين معه لا يطيقون إفساد فرحتهم بأنفسهم ولهذا هم لا يبصرون ما نبصر ولا يحسون بما نحس.
ثم إن الرئيس بفرض أن ما نقوله عن الفوضي صحيح قادر بعون الله أن يتصل بالتليفون بالمحامين والقضاة والبابا والأقباط ورؤساء دول حوض النيل وجمهور الألتراس فيحل كل المشاكل.
إذن لا توجد فوضي ولا يحزنون وهذه مجرد أوهام في عقولنا المريضة وخلاص.. عايزين إيه بقي غير إنكم تشكروا السيد الرئيس!
يتصور البعض ويروج لهذا التصور أن ما يحدث من تدافع نحو المواجهة واندفاع إلي الصراع بين طرفي العدالة في مصر المحامين والقضاة إنما يتم برعاية من النظام وبدعم للاشتعال وتغذية للوقود حتي يستمر هذا الصراع محتدما ومتصاعدا!
دليلهم أن طرفي النزاع يقودهما مجلس نقابة محامين تقريبا تحت جناح وإبط الحزب الوطني ونقيب المحامين رجل فاز في انتخابات الشوري مؤخرا بعضوية قدمتها له يد العون المزورة والمزيفة التي أدارت هذه الانتخابات من قلب الحزب الوطني فهو رجل محل رضا ومحل ثقة ومحل حل إن أرادوا وإذا شاءوا.
كما أن المستشار أحمد الزند ومجلس نادي القضاة جاء ليزيح تيارا أطلقنا عليه «تيار الإصلاح والاستقلال القضائي» وكان موضع احتفاء هائل لدي الشارع المصري والمعارضة بأطرافها وأطيافها فجاء الزند ومجلسه ليبتعد عن سياسة المجلس القديم بعدا يقاس بالسنوات الضوئية كما رعته ودعمته وفرحت به وزغردت له جهات في الدولة اعتبرته انتصارًا للدولة علي المعارضة!
ومن ثم لا يعقلها متعقل أن يد الدولة بعيدة عن زناد إطلاق الفتنة أو علي الأقل تلقيم وتغذية فوهاتها بالذخيرة!
أما المصلحة في ذلك فهي أن الدولة تصرف النظر عن مصيبة لم تتوقع لها حسابا هي انتخابات الشوري وما جري فيها من تزوير فاضح فادح كارثي كان من الفجاجة والصفاقة وقلة الحياء السياسي ما دفع البعض في النظام لمحاولة محو الأثر السلبي المريع داخليا وخارجيا، وفي محاولة لامتصاص الغضب فقد تم تصريفه وتحويله إلي حرب أهلية بين أهل العدالة يلفت الانتباه ويشتت الاهتمام ويزيح عن كاهل النظام ملاحقة عار تزويره!
هذه وجهة نظر البعض
ويستحسن أن أقول سريعا إنني ضدها ولا أؤمن بها إطلاقا،
أولا: لأن النظام سميك الجلد وناشف العقل ومعدوم الإحساس السياسي ومن ثم لا يري شرا ولا ضرا من اتهامه بالتزوير الفاجر فقد تعود الناس وقد فجر النظام منذ زمن!
ثانيا: أن الحرب الأهلية في المحاكم موضوع يعصف بهيبة النظام ورهبته وقدرته وعدالته وهو ينافس فضيحة الشوري بامتياز ولهذا من الصعب علي الدولة أن تعالج جناية بأخري أو تغطي علي قتيل بقتيل!
ثالثا: أن تفاعل الغضب بين المحامين والقضاة مهما وصل في لحظة إلي هدوء ومهما وقف عند حد فإنه أضر وأذي وأوجع وفضح!
طيب ما تفسير ذلك؟
لا شيء أكثر من الحقيقة فالبلد يعيش في حالة فوضي
وفوضي عارمة
فقد وصلت إلي معطف النظام شخصيا وهي تضرب في قلب نفوذه وسلطته وساحته!
تضرب في نقابة وناد تمكن من وضعهما تحت الرعاية والوصاية،
تضرب في جماعة الأقباط في مصر وكنيسة البابا شنودة التي وصل معهما النظام إلي حالة توافق وتحالف غير مسبوقة حتي إننا نستطيع أن نجزم أن الكنائس باتت كنائس الحزب الوطني، ويمكن التأكد اليقيني من أن القساوسة في علاقة وثيقة لصيقة بجهاز أمن الدولة، وأن الكنيسة المصرية أكبر مروج للتوريث وداعية له ومزايدة علي موقف الجميع في إعلان ولاء غير مطلوب منها لجمال مبارك، وهناك تطوع قبطي مذهل بتسليم مصر هدية لنجل الرئيس مقابل فتات من المكاسب القبطية محدودة الأثر، فلم تكن مفاجأة أبدا أن يرفض البابا شنودة تنفيذ الحكم القضائي بإلزامه بتنفيذ وتطبيق الزواج الثاني للأقباط لكن المفاجأة كانت في - النبرة والنغمة والقطع والحسم ودرجة التصعيد وروح التحدي وعلانية المواجهة والقدرة علي الاستخفاف بالقانون الوضعي وتقديم المسألة بصيغة الله مع البابا في مواجهة النظام مع القانون، وكان ملايين الأقباط قطعا في المشهد مؤيدين للبابا ومستعدين للدفاع عن المسيح في مواجهة المحكمة!
طيلة الوقت يثرثر النظام الحاكم محذراً من أن أي تغيير أو حركة أو معارضة أو مظاهرة أو احتجاج سوف يقود للفوضي، ومع ذلك وربما بسبب ذلك فإنه لن يدفع مصر نحو الفوضي سوي هذا النظام الذي يجب أن نعترف أولا أنه صانع الفوضي الكبري في مصر،
حالة التفكك في البلد
ثم حالة العنف والعدوانية
ثم حالة التنازع والتصارع داخل الفئة الواحدة وبين الفئات وبعضها
وأيضا الضعف الهش والعري الكامل أمام أزمة نقص مياه النيل التي يبدو أنها فاجأت الدولة ثم صدمها عجزها عن عمل أي شيء
ثم استخفاف الصهاينة بك وبدورك وبمهمتك في حماية حدودهم من المقاومة الفلسطينية
ثم تزوير الانتخابات بشكل فاضح وفاجر
ثم الاستيلاء علي أراضي الدولة من مسئولين مهمين
كذلك بيزنس الوزراء وقوانين تصدر في دقائق من بين أكف مصفقة لأيد ملفقة
بل وتبادل جماهير أكبر ناديين لديك اتهامات الخيانة والعمالة علنا وفوق مدرجات الملاعب
بل وقطع البث عن قنوات بالطريقة الرخيصة المكشوفة التي يكلف فيها المعلمون الصبيان مما يورط البلد في مشكلات عالمية ودولية وتعويضات لا يقدر الفتوات علي دفعها!
أليست كل هذه علامات فوضي
وكما قلت من قبل أليست طوابير العيش التي يندفع ويتدافع فيها المصريون إلا فوضي يسقط معها الجرحي والقتلي والمرضي، أليست حوادث الطرق القاتلة اليومية والكارثية فوضي، أليس أكل لحوم الحمير فوضي، أليس كذب المسئولين طوال الوقت عن كل شيء في مصر فوضي، أليس إهدار دماء المصريين برصاص الإسرائيليين والتواطؤ والسكوت علي إراقتها فوضي، أليست الانتخابات المزورة والمزيفة فوضي، أليس تجاهل أحكام القضاء الإداري بإبطال إجراء الانتخابات فوضي، أليس غض البصر وصهينة الحكومة عن أحكام بطلان عضوية عشرات النواب في مجلس الشعب فوضي، أليست حوادث الضرب والتعذيب في الأقسام فوضي، أليست مآسي المستشفيات الحكومية فوضي، أليست أحوال السكة الحديد فوضي، أليست العشوائيات بسكانها ومساكنها وفقرها فوضي، أليس اختناق المرور فوضي، أليست صناعة القوانين في يوم وليلة لمصلحة شخص وفئة فوضي، أليست الرشوة التي باتت قاعدة التعامل في مصر فوضي، أليس بيع أراضي البلد لمليارديرات المدن أصحاب وشركاء وأصهار المسئولين فوضي، أليست الخصخصة وبيع ثروة البلد برخص التراب للأصحاب والأقارب والغرباء الأجانب فوضي، أليس تصدير الغاز والبترول للعدو الإسرائيلي عن طريق شركات الأصدقاء فوضي، أليس إنفاق الملايين من أجل افتتاح كباري غير صالحة وغير مكتملة فوضي، أليست فوضي أن يكون 44% من الشعب المصري تحت خط الفقر، أليست فوضي أن تكون 90% من مشروعات الحكومة بلا دراسات جدوي، أليست فوضي أن تكون نصف مدارس مصر آيلة للسقوط وغير صالحة للاستخدام الآدمي، أليست الدروس الخصوصية فوضي، أليست فوضي إنفاق 15 مليار جنيه في ميزانية الحكومة السنوية نثريات علي الشاي والقهوة وخلافه؟! إذا لم تكن هذه هي الفوضي في أصلها وفصلها وجذرها وفرعها، فما تعريف الفوضي يا خلق هووه..؟ كل هذه فوضي النظام الحاكم في مصر لكنه لا يعترف بالفوضي التي صنعتها يداه ورجلاه وشفتاه، بل هو فقط يعتبر أن حرية التظاهر «فيما عدا التظاهر بالسعادة» أو حرية الصحافة «فيما عدا حرية الصحافة في نفاق الحكم والحكومة» فوضي،
أين الرئيس مبارك من هذا كله؟!
طبعا الرئيس مبارك مسئول عن هذه الفوضي العارمة في البلد، مسئول بحكم رئاسته وبحكم أنه رئيس منذ ثلاثين عاما ومن ثم لقد أثر في تكوين وحياة وطبائع وسلوكيات الشعب بسياسته وبوجوده الطويل في الحكم.
لكن المفاجأة هنا أن الرئيس يعترف بمسئوليته الرئاسية قطعا لكنه لا يمكن أن يعترف بمسئوليته عن الفوضي.
لأنه ببساطة في رأيه مفيش فوضي!!
الفوضي التي يحذر منها الرئيس هي تعديل الدستور مثلا، هي حرية تكوين الأحزاب، هي الرقابة علي الانتخابات، هي المظاهرات التي تطالب بالإصلاح السياسي، هي الوقفات الاحتجاجية التي تهتف ضد الحكومة، هي المطالبة بفتح معبر رفح.
هذه هي الفوضي في مفهوم الرئيس ومن ثم هو ليس مسئولا عنها بل يحاربها ويمنعها من الحدوث بأمنه اليقظ وسياسته الحازمة بقوانين طوارئه وبطارئيه جميعا!
أما الفوضي التي نقول عنها فهي غير موجودة أساسا.
الرئيس مبارك لديه صورة عما يحدث لكنها صورة وردية جميلة ناعمة رائعة، الرئيس يعيش حالة رضا سامية عن النفس ويعتقد أنه عمل لنا مالا نحلم به وإذا كنا نعتقد أن مصر الآن في حالة من الفوضي والانحدار والتفكك والشعب كله ينهش في كله ونغرق في فساد واستبداد،
فإن الرئيس مبارك يؤمن أن مصر تعيش أزهي عصورها،
والرئيس والذين معه لا يطيقون إفساد فرحتهم بأنفسهم ولهذا هم لا يبصرون ما نبصر ولا يحسون بما نحس.
ثم إن الرئيس بفرض أن ما نقوله عن الفوضي صحيح قادر بعون الله أن يتصل بالتليفون بالمحامين والقضاة والبابا والأقباط ورؤساء دول حوض النيل وجمهور الألتراس فيحل كل المشاكل.
إذن لا توجد فوضي ولا يحزنون وهذه مجرد أوهام في عقولنا المريضة وخلاص.. عايزين إيه بقي غير إنكم تشكروا السيد الرئيس!